[ad_1]
آخر تحديث:
عندما نراجع اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة التجارة الحرة الاوربية إفتا سوف تثار عندنا جملة من التسؤلات المشروعة منها :
ما فائدة هذه الاتفاقية طالما لا يوجد ربط بري بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة أفتا
لماذا استبعد العراق عن هذه الاتفاقية اصلا والعراق يعتبر هو المحور الاستراتيجي الذي من خلاله يمكن تطبيق الاتفاقية أو فشلها.
هل تعهّدت بعض دول مجلس التعاون الخليجي أمام الجانب الأوروبي، بشكل معلن أو ضمني، بأن ميناء مبارك وخور عبد الله سيُستخدمان كبديل جغرافي، تجاوزًا لحقوق العراق السيادية في ممره البحري؟هل الكويت استندت إلى اسلوب رشوة الساسة في العراق كطريقه بديلة للسيطرة على خور عبد الله .
لماذا سربت الكويت الفديو الخاص بالحقائب “الرشوة”، التي قدمت لبعض الساسة في العراق للسيطرة على خور عبد الله وهل يمثل نوع من الضغط ام التلويح بكشف المستور في حالة تراجع الساسة عن مواقفهم.
اين الشعب من كل ما يجري داخل الغرف المغلقة في قضية من أهم قضايا السيادة الوطنية على ممر استراتيجي مهم للعراق وهو خور عبد الله، واين نضع موجة الرفض العام من قبل الشعب العراقي والمنابر الدينية وصوت المنابر الحسينية في رفض التنازل عن خور عبد الله أو بيعه للكويت؟
هل تُغامر الحكومة الكويتية باتخاذ مواقف قد تُؤجّج مشاعر الغضب لدى الشعب العراقي، وتُمهّد لأزمة مستقبلية بين البلدين، قد تكون تداعياتها أكثر وقعًا على الجانب الكويتي منها على العراقي؟ وذلك في ظل تصاعد أصوات داخل النخبة الكويتية نفسها، تُعبّر عن رفضها لما تصفه بأساليب غير نزيهة، من بينها ما يُشار إليه بـ’الرشوة’ التي يُزعم أن الحكومة الكويتية الحالية تلجأ إليها في تعاملها مع بعض الملفات الإقليمية.
لكن دعنا اولا نلقي الضوء على الاتفاقية الاستراتيجية بين مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة التجارة الحرة الأوروبية إفتا، التي تضم كلاً من سويسرا، النرويج، آيسلندا، وليختنشتاين.
هذه الاتفاقية كانت نموذجًا قانونيًا محكمًا، امتد إلى 124 صفحة مملوءة بالتفاصيل الفنية والملاحق الملزمة، ما يعكس حجم المصالح الأوروبية في اختراق الأسواق الخليجية عبر ممرات آمنة وقانونية. لكن المفارقة أن تحقيق هذه الغاية، في بعدها الجغرافي، لا يمكن أن يكتمل دون فرض السيطرة الكويتية الكاملة على خور عبد الله، الذي يُمثّل القناة البحرية الأهم لأي ربط محتمل نحو الشمال. وهو ما يفسّر حجم الجهد والضغط المبذول لانتزاع هذا الممر البحري العراقي الخالص، ولو على حساب السيادة، عبر أدوات تفاوضية يغلب عليها طابع الإغراءات المالية وشراء مواقف بعض الساسة العراقيين، مستغلةً فراغ القرار الوطني.
من أبرز ما يلفت النظر في تلك الاتفاقية الخليجية–الأوروبية أنها خصصت أكثر من 15 صفحة كاملة لمعالجة آليات فضّ النزاعات، وهو ما يعكس مدى الجدية القانونية والحرص على تحصين الاتفاق من أي خلافات مستقبلية. في المقابل، نجد أن اتفاقية العراق والكويت، وعلى الرغم من حساسيتها السيادية المرتبطة بـخور عبد الله، تخلو من أي نظام فاعل لحل النزاعات، وكأنها صيغت لتُمرّر لا لتُدار.
وقد وقّع عن مجلس التعاون الخليجي يوسف بن علوي بن عبد الله، وزير خارجية سلطنة عُمان آنذاك، بصفته رئيسًا للمجلس الوزاري، إلى جانب الأمين العام. أما الجانب الأوروبي فمثّلته شخصيات رفيعة: أورسور سكارفيونسون وزير خارجية آيسلندا، أوريليا فريك وزيرة خارجية ليختنشتاين، سيليفيا بروستد وزيرة التجارة والصناعة النرويجية، ورئيسة المجلس الوزاري لإفتا.
هذه الأسماء والمناصب تعكس مستوى التمثيل السيادي الذي يُبرم من خلاله اتفاق استراتيجي، وهو ما يزيد التساؤلات حول خفوت الحضور السيادي العراقي عند توقيع اتفاق يخص آخر منفذ بحري وطني.أُبرمت الاتفاقية الخليجية–الأوروبية بأربع نسخ رسمية: اثنتان باللغة الإنجليزية تُعتبران الأصل ونسختان بالعربية، وتم تحديد دولة النرويج كجهة إيداع معتمدة، لتدخل الاتفاقية حيّز التنفيذ في مارس/آذار 2010.
هذه الوثيقة تمثل مرجعًا قانونيًا متكاملًا، مكتمل الأركان من حيث الشكل والمضمون. وهو ما يدفعنا للتساؤل المشروع:
هل المادة 14 من الاتفاقية العراقية–الكويتية الأخيرة ليست سوى محاولة لربط خور عبد الله بذلك المسار القانوني الأكبر؟
وهل يُستخدم هذا النص كبابٍ صامت لتفعيل التزامات سابقة، عجزت بعض الأطراف عن تنفيذها بسبب غياب سيطرة فعلية على خور عبد الله، الذي يُعد ممرًا عراقيًا خالصًا، تُحاول أطراف خارجية تكريسه كقناة نفوذ تجاري وجيوسياسي؟
ما لبثت الأطراف الموقعة على اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي ودول رابطة “إفتا” أن اكتشفت أن التطبيق الكامل للاتفاقية يصطدم بعقبة جغرافية–سياسية أساسية: غياب الربط البري المباشر بين الخليج وأوروبا، والذي لا يمكن أن يتحقق إلا عبر العراق أو سوريا، أو كليهم.
من هنا، تَحوّل العراق إلى عنصر حاسم في منظومة الربط، ليس فقط من حيث الطرق البرية، بل أيضًا من حيث ممراته البحرية—وفي مقدمتها خور عبد الله—الذي يُعد النقطة الأولى للنفاذ إلى الجغرافيا الأوروبية عبر الأراضي التركية.
وقد راهن مجلس التعاون الخليجي على أن تفعيل هذه الاتفاقية سيفتح الباب لاتفاق تجارة حرة أوسع مع الاتحاد الأوروبي، خصوصًا وأن الجانبين سبق أن وقّعا اتفاقية تعاون عام 1988، وُصفت حينها بأنها مقدّمة لاتفاق مستقبلي أشمل.
ورغم انطلاق جولات التفاوض بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي منذ عام 1989، واستمرارها لأكثر من عقدين حتى عام 2010، لم تُتوَّج تلك الجهود باتفاقية تجارة حرة مكتملة حتى اليوم.وهنا يطفو على السطح سؤال جوهري يتجاوز التفاصيل الفنية :
ما الذي حال دون إبرام الاتفاق؟ وهل كان غياب ممر بري وبحري آمن ومستقر، يربط الخليج بأوروبا، هو العائق الرئيسي؟ وإذا صحّ ذلك، فهل كان خور عبد الله من بين العوامل التي دفعت إلى تأجيل هذا الربط الشامل، بسبب موقعه الحرج ومحاولات الكويت الالتفافية للسيطرة عليه رغم كونه تحت السيادة العراقية الكاملة؟ الجواب المختصر واضح : نعم، العراق وسوريا شكّلا العائق الرئيسي.
فقد أصرّ الاتحاد الأوروبي على ضرورة وجود ربط جغرافي مباشر بين الخليج وأوروبا، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا عبر أحد مسارين بريّين: إما عبر الأراضي العراقية باتجاه تركيا، أو عبر الأراضي السورية باتجاه تركيا.غياب هذا الربط البري لا يعني فقط تعطيل الجانب اللوجستي، بل يعني أيضًا: تجميدًا فعليًا لاتفاقية “إفتا” الخليجية الأوروبية من حيث التوسع والتطبيق العملي، وعرقلة لأي اتفاقية مستقبلية بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي.وفي هذا السياق، لا يعود خور عبد الله مجرد ممر مائي، بل يتحوّل إلى عنصر مفصلي في معادلة الربط الجغرافي الإقليمي؛ فبدونه، يفقد العراق منفذه البحري السيادي الوحيد، وتفقد دول الخليج أقرب بوابة جغرافية عملية للاتصال البري–البحري بأوروبا عبر الأراضي العراقية.لكن ما جرى ويجري بشأن خور عبد الله لا يمكن قراءته بمعزل عن نصوص اتفاقية العراق والكويت، خصوصًا ما ورد في المادة 14، التي سنفككها في الجزء الرابع، بوصفها البوابة القانونية الأهم التي يُراد عبرها شرعنة السيطرة الكويتية على الممر البحري العراقي، من دون إعلانٍ صريح أو مواجهة مكشوفة.
[ad_2]
Source link