بغداد اليوم – أربيل
أثار تصريح رئيس مكتب العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان سفين دزيي، بشأن إبلاغ وزارة الخارجية الأمريكية للحكومة العراقية بعدم رضاها عن سياستها تجاه الإقليم، موجة من الجدل السياسي والإعلامي.
فقد قال دزيي إن “حكومة إقليم كردستان تتمتع حالياً بأوسع العلاقات، لا سيما في المجال الاقتصادي”، مضيفاً أن “لدينا العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات مع العديد من الدول الأوروبية، منها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، واليوم، يرتبط أحد هذه المنتديات بتايلاند، باعتبارها من أكثر الدول تطوراً في مجال الصناعة والاقتصاد”.
هذا الخطاب يعكس رغبة الإقليم في تأكيد مكانته الدولية، وإظهار أن أي ضغوط من بغداد قد تقابلها شبكة من العلاقات مع عواصم مؤثرة.
لكن الباحث في الشأن السياسي شيرزاد مصطفى قدّم قراءة مغايرة، معتبراً أن الأمر فيه قدر من المبالغة.
وقال في حديثه لـ”بغداد اليوم” إن “لو كانت الولايات المتحدة غير راضية، وتضغط على بغداد، لتم حل مسألة الرواتب وتصدير النفط، وجميع الأزمات بشكل سريع، دون المرور بهذا التعقيد”. هذه المقاربة، بحسب محللين، تكشف عن رؤية ترى أن السياسة الأمريكية، رغم حساسية علاقتها مع أربيل، لا تزال تراعي التوازن مع بغداد، وتتعامل مع الخلافات بوصفها شأناً داخلياً عراقياً.
وأضاف مصطفى أن “هناك أشخاصاً في الكونغرس أو مسؤولين سابقين في الحكومة الأمريكية، أو مستشارين، يدعمون الإقليم، ولهم علاقات بقادته، لكن حتى الآن، ومن خلال الرؤية العامة فإن الحكومة الحالية في الولايات المتحدة تقف على مسافة واحدة، ولم تتدخل بشكل صريح في الأزمة بين بغداد وأربيل”. هذه الإشارة توضح أن الدعم الذي يتحدث عنه قادة الإقليم لا يرقى إلى مستوى موقف رسمي شامل من الإدارة الأمريكية.
كما أشار إلى أن “الولايات المتحدة ما تزال تعتبر قضية الخلاف بين الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان، خلافاً داخلياً يمكن حله، ولكن إذا تطور هذا الخلاف وأثر على السلم الأهلي، فيمكن أن تتدخل في ذلك الوقت، وبالتالي عدم الرضا الأمريكي في مسألة الرواتب مبالغة”. هذه القراءة تضع خطوطاً فاصلة بين الدعم السياسي العام وبين التدخل المباشر، وهو ما يحدد طبيعة العلاقة بين واشنطن وأربيل في هذه المرحلة.
الخلفية الأمنية والسياسية في العراق تعطي بعداً إضافياً للنقاش، إذ شهدت الفترة الأخيرة قراراً أمريكياً بنقل كامل قواتها المتمركزة في بغداد والأنبار إلى إقليم كردستان. خطوة رآها مراقبون مؤشراً على الثقة المتبادلة بين واشنطن وأربيل، ورسخت الانطباع بأن الإقليم بات الحليف الأكثر استقراراً وموثوقية للأمريكيين. هذه التحولات لا تنفصل عن العلاقة الخاصة التي نسجها الإقليم مع الولايات المتحدة منذ عام 2003، سواء في الجوانب العسكرية أو الاقتصادية أو السياسية، وهو ما يفسر حساسية واشنطن تجاه أي سياسة قد تبدو متشددة من بغداد حيال أربيل.
ومع ذلك: هل يشير كلام دزيي إلى تحول حقيقي في موقف واشنطن الرسمي من بغداد، أم أن ما يجري لا يتعدى ضغوطاً محدودة من أطراف أمريكية ثانوية، تستثمرها أربيل في سياق تعزيز موقفها التفاوضي؟ الإجابة ستظل رهينة تطورات الداخل العراقي، وما إذا كانت الخلافات ستبقى إدارية ومالية، أم ستتطور إلى ما يمس السلم الأهلي ويدفع واشنطن إلى التدخل المباشر.
المصدر: بغداد اليوم+ وكالات