شهدت الولايات المتحدة في وقت مبكر حتى قبل استقلالها عن التاج البريطاني العديد من انتفاضات وثورات العبيد العنيفة والتي أخمدت بلا رحمة. أكبرها في تلك الفترة جرى عام 1739.
قاد هذا التمرد عبد متعلم من أصول إفريقية يدعى جيمي وتسميه بعض التقارير “كاتو”. نظم حوالي 20 من المستعبدين من أصول كونغولية وسعى بهم إلى الحرية.
قام المتمردون صباح يوم 9 سبتمبر 1739 في البداية بقتل عدد من حراس المستودعات على نهر “ستونو” في ساوث كارولينا، ثم توجهوا بعد ذلك إلى متجر للأسلحة النارية والبارود بالقرب من جسر نهر “ستونو”، وقتلوا اثنين من مالكيه واستولوا على العديد من الأسلحة والذخائر. بذلك اشتد الخطر وتحولت المجموعة المتمردة الغاضبة إلى فرقة مسلحة منظمة خطيرة.
يعد حصول العبيد المتمردين على السلاح والذخيرة ساروا في الشوارع رافعين الرايات وهم يقرعون الطبول لجذب انتباه الآخرين. ارتفع عددهم وبلغ ما بين 60 إلى 80 متمردا مسلحا.
لم يكن في نية العبيد المتمردين الهرب فقط إلى فلوريدا الإسبانية، بل والقتال في الطريق إلى هناك. خلال مسيرتهم هاجموا وأحرقوا ست مزارع وقتلوا أكثر من 23 شخصا من المستعمرين البيض.
كانت سلطات فلوريدا الإسبانية رغبة منها في زعزعة استقرار المستعمرات البريطانية في المنطقة قد وعدت في مرسوم صدر عام 1733 العبيد الهاربين من هناك بمنحهم الحرية وتمليكهم الأرضي.
في تلك الأثناء تباطأت وتيرة سير المتمردين، وفقدت المجموعة عنصر المفاجأة. توقف العبيد الثائرون في حقل قرب نهر “إديستو”، متوهمين أنهم في مأمن. بلغ من شدة ثقتهم في أنفسهم أنهم واصلوا دق طبول الحرب وترديد الهتافات لاستمالة المزيد من الأتباع، لكنهم في نفس الوقت كشفوا لخصومهم عن مكان وجودهم.
وصلت قوة مليشيات على صهوة الجياد بقيادة حاكم ولاية كارولينا الجنوبية ويليام بول إلى المكان بسرعة، ونشبت بين الجانبين معركة ضارية انتهت بهزيمة المجموعة المتمردة ومقتل ما يزيد عن الخمسين من أفرادها.
تمكن بعض المتمردين من الفرار إلى المناطق الريفية. تمت ملاحقتهم وجرى القبض عليهم في أوقات لاحقة. أعدموا وقطعت رؤوسهم ووضعت على أعمدة على طول الطريق، عبرة لمن يفكر من العبيد في التمرد.
رد مجلس ولاية كارولينا الجنوبية على هذا التمرد بسن قانون قاس يحد من حركة العبيد ويزيد من اضطهادهم في العام التالي 1740 منها:
فرض قيودا صارمة على تجمع العبيد وتعليمهم وتنقلهم.
حظر عليهم كسب المال أو زراعة طعامهم بأنفسهم.
فرض وقفا مؤقتا على استيراد الأفارقة المستعبدين الجدد لمدة عقد من الزمان، خوفا من أن يكون القادمون من منطقة “الكونغو” أكثر عرضة للتمرد وذلك بسبب روحهم القتالية.
فرض غرامة مالية هائلة على مالكي العبيد مقابل أي عمليات قتل يرتكبها عبيد لم يتمكنوا من السيطرة عليهم بشكل كاف.
على الرغم من كل ذلك لم تتوقف ثورات العبيد في كارولينا الجنوبية والولايات الأخرى وتجددت في مناسبات دموية عديدة.
اعتقد المسؤولون الاستعماريون أن الثورات التالية كانت مستوحاة من تمرد “ستونو”، متناسين تماما الظروف القاسية والمعاملة الوحشية وما يتعرض له البؤساء المستعبدين من صنوف الاستغلال اللاإنساني والعسف.
لم يتوقف الميتعبدون في المستعمرات البريطانية وفي الولايات المتحدة الأمريكية فيما بعد عن قرع الطبول والتضحية بحياتهم إلى أن استعادوا حريتهم بانتهاء الرق إلى الأبد.
المصدر: RT