الاكتشافات الأثرية تشير إلى أن المصريين القدماء استخدموا خيوط الكتان والصوف لكسوة المقتنيات المنزلية وصنع الملابس منذ القرن الثالث قبل الميلاد. منتجات الحياكة استخدمت في مصر القديمة أيضا في الطقوس الدينية، حيث عُثر في مقابر الفراعنة على منسوجات متنوعة.
يعد أول سلف للحياكة تقنية تسمى “نالبندينغ” أو الحياكة بإبرة واحدة وخيوط قصيرة لنسج قماش متين ومتشابك، وقد استخدمها المصيون القدماء. هذه التقنية انتشرت على نطاق واسع حوالي عام 1000 قبل الميلاد.
القطع الأثرية المصرية الموجودة في المتاحف، مثل الجوارب المحبوكة، تؤكد أن المصريين القدماء استخدموا تقنية مشابهة للحياكة الحديثة منذ ذلك التاريخ الموغل في القدم.
الحضارة العربية الإسلامية بدورها قامت بدور بارز في تطور وانتشار تقنيات الحياكة. نظرا لامتداها الجغرافي من آسيا الوسطى حتى الأندلس، وعلى خلفية دورها الكبير في التجارة العالمية، كانت بمثابة مصدر ناشر لمهارات الحياكة.
من ذلك أيضا أن التجار العرب جلبوا إلى منطقة البحر المتوسط بواسطة طرق التجارة مثل طريق الحرير والتجارة في المحيط الهندي، التقنيات والأساليب والمواد الخام مثل الحرير والقطن من الصين والهند وبلاد فارس.
لم يكتف العرب بجلب القطن، بل أتقنوا زراعته وحلجه ونسجه، وأنتجوا منه أقمشة أخف وزنا وأكثر راحة وأسهل في الصبغ من الصوف.
أسس العرب صناعات قطنية ضخمة في العديد من المناطق مثل مصر وسوريا والأندلس. الاسم العربي للقطن يظهر بوضوح في العديد من اللغات الأخرى.

على الرغم من أن الحرير نشأ في الصين، إلا أن العالم العربي أتقن إنتاجه ونسجه بعد أن استجلبوا يرقات دودة القز. في ذلك العهد القديم تحولت مناطق مثل دمشق وبغداد والأندلس إلى مراكز تشتهر بمنسوجاتها الحريرية الفاخرة.
علاوة على ذلك، واصل العرب تقاليدهم القديمة في نسج الكتان الصوفي الفاخر في مصر، وأنتجوا أيضا أصوافا عالية الجودة في مناطق مثل اليمن والمغرب العربي.
النساجون العرب كانوا بحق مهندسين بارعين وقد أحدثوا ثورة في تكنولوجيا النول وتقنيات النسيج. من ذلك تقنية السحب التي جعلت من الممكن نسج أقمشة مزركشة ومعقدة بشكل كبير جدا وعلى نطاق واسع.

المنسوجات العربية الفاخرة كانت لفترة طويلة من بين السلع الأكثر رواجا في التجارة الدولية، وكان الإقبال عليها كبيرا، من أوروبا إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، إلى آسيا.
أوروبا تعرفت على تقنيات الحياكة العربية وتقنيات الغزل واستعمال الأصباغ من خلال صقلية والأندلس. العديد من المصطلحات المستخدمة في صناعة الكنان في اللغات الأوروبية لها أصول عربية.
في العصور الوسطى انتشرت الحياكة إلى أوروبا. يعود أقدم دليل على الإنتاج الضخم لسلع الحياكة في أوروبا إلى القرن الثاني عشر. في إسبانيا تحديدا، حيث جلب العرب تقنياتهم، وظهرت تجمعات كاملة تمارس الحياكة. أوروبا في القرن الرابع عشر فقط بدأت في إنتاج الجوارب والقبعات وغيرها من الأردية للنبلاء ورجال الكنيسة.
المصدر: RT
إقرأ المزيد
ما هو “الدم الذهبي” ومن أصحابه؟
يشير مصطلح “الدم الأزرق” إلى الدم الملكي في أوروبا، لكن الزرقة لم تأت من الدم بل من لون الأوردة على بشرتهم البيضاء مقابل بشرة العوام الداكنة، لكن الدم الذهبي حقيقة لا مجاز.