وحسب صحيفة “يديعوت أحونوت”، من المقرر أن تنتشر مئات ناقلات الجند المدرعة والدبابات وجرافات D9 قريبا على تراب حقول الحمص والقمح في الجزء الشمالي من غلاف غزة، بالقرب من مدينة عسقلان. ومن هناك، من المتوقع أن تتقدم أولى المركبات المدرعة التابعة للفرقتين 98 و162، لتعبر مواقع “الحزام الأمني” الجديد الذي أنشأه الجيش الإسرائيلي على الجانب الغزاوي من الحدود، و”تغرس وتدا في رأس الرمح – معاقل حماس”.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها، أن “من المفترض أن يستغرق مثل هذا الاندفاع وقتا قصيرا، لكن هناك شيئاً آخر يقلق ويزعج رئيس الأركان، اللواء إيال زامير، عشية عملية “مركبات جدعون ب'”. لا يقتصر الأمر على خطر الموت الذي يواجه الرهائن في مدينة غزة، فقد حرص رئيس الأركان، بشكل قاطع وصارم، على أن تكون تعليماته الأخيرة لقادة الفرق الذين سيناورون في المدينة، حذرة للغاية، على أمل أن تصل هذه التوجيهات إلى آخر قادة الفصائل والمجموعات”.
وجاء في التقرير: “عدد القتلى المحتملين في الأشهر المقبلة لا يقلق رئيس الأركان وحده. فقد أكد زامير مرارا وتكرارا في المناقشات الأخيرة على مبدأ “السلامة قبل السرعة” لتجنب الوقوع في الفخاخ التي تنصبها حماس في الأزقة والأنفاق. وحتى التآكل في القدرات لا يقلق زامير كثيرا، فالجنود والقادة سيصمدون في النهاية أمام أي مهمة، وضد أي عدو. إن الشيء الذي يحبط رئيس الأركان أكثر من أي شيء آخر هو تردد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والوزير النافذ في مجلس الوزراء المصغر، بتسلئيل سموتريتش، في اتخاذ قرار طويل الأمد من المفترض أن يبدأ تنفيذه في نهاية العملية”.
ووفقا للصحيفة، ففي النهاية، “ستنتهي هذه المناورة تماما مثل المناورة السابقة في المدينة، ومرة أخرى ستتآكل إنجازات الجنود يوما بعد يوم وستستعيد حماس قوتها. إن الجيش الإسرائيلي هو المنفذ لأي قرار سياسي، مهما كان مثيرا للجدل، سواء كان إدارة عسكرية إسرائيلية كبديل لحكم حماس على مليوني فلسطيني في القطاع، أو إدارة عربية إقليمية برعاية أمريكية، أو ربما منح أجزاء من الأراضي لعناصر من السلطة الفلسطينية، بعد أن يتم “تطهيرها” من قبل الجيش الإسرائيلي، خاصة تحت الأرض”.
وبينت “يديعوت أحرونوت” أنه “في الأيام الأخيرة، تدرب الجنود في قاعدة تساليم على التقنيات القتالية الجديدة. كيف يمكن تدمير المباني دون دخولها وتفتيش غرفها، لقد تعلموا كيف لا ينهضون فورا عند الاشتباك، وتقنيات التقدم والقتال بين الأنقاض، التي أصبحت بالفعل ميزة لمسلحي حماس”.
وأكملت في تقريرها: “إن إلغاء فك الارتباط، والاحتلال الحقيقي للمنطقة، وإعادة الاستيطان اليهودي، هو أيضا قرار سيتعين على الجيش الإسرائيلي التخطيط لتنفيذه والقيام به على مدى أشهر طويلة. والقاسم المشترك بين كل هذه القرارات بشأن مستقبل غزة هو أنها جميعها خطيرة سياسيا، وتتطلب إقناعا في الداخل والخارج، وتتطلب شجاعة قيادية لا تظهر في مجرد “مركبات جدعون” أخرى. أما الأفكار الأخرى مثل تسليح العشائر الغزاوية من قبل الجيش الإسرائيلي أو تشجيع الهجرة، فقد فشلت جميعها”.
ويكاد رئيس الأركان يتوسل للمستوى السياسي: “فقط قرروا بالفعل ما تريدون فعله بغزة”. إن إرسال المقاتلين مرارا وتكرارا إلى نفس الأحياء والبلدات للقتال في حلقات متكررة، مع نتيجة متكررة – وهي اتهام الجيش الإسرائيلي ومن يقف على رأسه بالفشل في هزيمة حماس – ليس ما سيهزم حماس وبالتأكيد لن يعيد الرهائن. في السيناريو الأكثر تفاؤلا للجيش الإسرائيلي، من المفترض أن تنتهي عملية “مركبات جدعون ب'” في نهاية العام، حوالي يناير 2026، بهزيمة لواء مدينة غزة التابع لـ “حماس”، والوصول إلى الجزء الأكبر من البنى العسكرية تحت الأرض في المدينة، وتسوية آلاف المباني بالأرض في محاولة لمنع إعادة بناء الأنفاق، حسب التقرير.
ورأت الصحيفة أنه “من الجدير أخذ أي وعد بجدول زمني على محمل الشك، حتى لو جاء على لسان مسؤول عسكري”، زاعمة: “وعد الجيش الإسرائيلي أكثر من مرة منذ بداية الحرب بأنه سيهزم كتيبة الزيتون في غضون ثلاثة أسابيع أو سيهزم لواء خان يونس في غضون أربعة أشهر. وبالفعل، تم إلحاق الهزيمة بكتائب وألوية حماس من قبل الجيش الإسرائيلي، مما منعها من تنفيذ هجوم آخر مثل 7 أكتوبر أو هجمات على القوات المناورة. لم يعد لدى حماس حالياً قيادة وسيطرة تنظيمية كما كانت قبل عامين، وقد عشقت نموذج حرب العصابات، وبقية قواتها مختبئة بين السكان”.
وأشار التقرير إلى أنه بهدف “تعميق هذا الوضع والحفاظ عليه، سيتعين على الجيش الإسرائيلي مواصلة العمليات البرية ضد حماس في السنوات القادمة، وهذا ما يعتقده جميع قادة الكتائب والألوية الذين قاتلوا في غزة. والسؤال هو ما إذا كان المستوى السياسي – أي نتنياهو – سيقوم بدوره ويتخذ القرار الاستراتيجي المفقود. أي قرار سيُدخل في عملية “مركبات جدعون ب'” مقاتلين من الجيش الإسرائيلي لم تطأ أقدام بعضهم أرض القطاع قط، وجنودا نظاميين كانوا لا يزالون في المدرسة الثانوية في 7 أكتوبر وأسرعوا لملء الصفوف في قواعد التدريب التابعة لألوية جفعاتي، 7، غولاني، وغيرها من ألوية المشاة والمدرعات والهندسة القتالية”.

وقد أفاد الجيش الإسرائيلي بأن دورة التجنيد القتالية لجيل الـ18 قد تجاوزت طاقتها مرة أخرى، وكما في حالة التعبئة الاحتياطية في أكتوبر 2023، فإن حسابات الجيش الإسرائيلي تعيد تعريف نفسها، مع نسبة ملء للصفوف تبلغ 105 أو 110 بالمئة في قواعد التدريب.
وحسب “يديعوت أحرونوت”، ففي الأيام الأخيرة، “تدرب هؤلاء الجنود في قاعدة التدريب تساليم على التقنيات القتالية الجديدة، بشكل مختصر وسريع، مثل كيفية تدمير المباني دون دخولها وتفتيش غرفها. لقد تعلموا كيف لا ينهضون فوراً عند الاشتباك، وتقنية التقدم والقتال بين الأنقاض، التي أصبحت بالفعل ميزة لمسلحي حماس”.
ووفقا للشهادات من الميدان، فإن “الدافع عال بين المقاتلين الشباب بشكل خاص، إلى جانب الحماس والمخاوف الطبيعية”، ووفقا للصحيفة، فإن “هذه هي فرصتهم، وقتهم للمشاركة في المعركة. سيكون التحدي على عاتق قادتهم على المستوى التكتيكي – ضباط الصف وقادة الفرق – لتحويل الخبرة التي اكتسبوها إلى قرارات مدروسة، والحفاظ على اليقظة في اليومين الرابع والخامس في موقعهم شبه المكشوف، أو في محور التقسيم الذي سيفتحونه، عندما يقومون بتأمين جنود الهندسة بالجرافات، في مهمة بطيئة وثقيلة تحت الشمس الحارقة”.
وحتى ذلك الحين، سيزود الجيش الإسرائيلي المستوى السياسي، كما طُلب منه، بمحطات توقف من أجل صفقة محتملة. سيتم تصوير مناطق التجمع اليوم وغدا على الرغم من قيود الرقابة. سيقف الصحفيون بجانب الدبابات والمدافع، وصور الأرتال المدرعة ستترك الانطباع المعتاد، لدى الجمهور وخاصة لدى حماس. حتى صافرة البداية، للعودة إلى داخل غزة.
المصدر: “يديعوت أحرونوت”